Add parallel Print Page Options

يَسُوعُ يُحَذِّرُ مِنْ تَعلِيمِ الفِرِّيسِيِّين

12 وَتَجَمَّعَ عِدَّةُ آلَافٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى كَادَ يَدُوسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. فَبَدَأ يَسُوعُ يَتَحَدَّثُ أوَّلًا لِتَلَامِيذِهِ: «احتَرِسُوا مِنْ خَمِيرَةِ الفِرِّيسِيِّينَ، أيْ مِنْ رِيَائِهِمْ. فَمَا مِنْ مَخفِيٍّ إلَّا وَسَيُكشَفُ، وَمَا مِنْ مَستُورٍ إلَّا وَسَيُعلَنُ. فَكُلُّ مَا تَقُولُونَهُ فِي الظُّلمَةِ سَيُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَكُلُّ مَا هَمَستُمْ بِهِ فِي الآذَانِ فِي الغُرَفِ المُغلَقَةِ سَيُذَاعُ مِنْ فَوقِ سُطُوحِ البُيُوتِ.»

خَافُوا اللهَ وَحْدَه

(مَتَّى 10‏:28‏-31)

«أقُولُ لَكُمْ يَا أحِبَائي، لَا تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الجَسَدَ، ثُمَّ لَا يَقْدِرُونَ أنْ يَفْعَلُوا مَا هُوَ أكْثَرَ. سَأقُولُ لَكُمْ مِمَّنْ يَنْبَغِي أنْ تَخَافُوا: خَافُوا مِنْ ذَلِكَ الَّذِي لَهُ السُّلطَانُ أنْ يُلقِيَ فِي جَهَنَّمَ بَعْدَ أنْ يَقْتُلَ. نَعَمْ، أقُولُ لَكُمْ خَافُوا مِنْهُ.

«أمَا تُبَاعُ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ بِقِرشَينِ؟ وَمَعَ ذَلِكَ، فَإنَّ اللهَ لَا يَنْسَى وَاحِدًا مِنْهَا. أمَّا أنْتُمْ فَحَتَّى شَعرُ رَأسِكُمْ كُلُّهُ مَعدُودٌ. فَلَا تَخَافُوا، فَأنْتُمْ أثمَنُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ.

لَا تَخْجَلُوا بِيَسُوع

(مَتَّى 10‏:32‏-33؛ 12‏:32؛ 10‏:19‏-20)

«وَأقُولُ لَكُمْ إنَّ كُلَّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي أمَامَ الآخَرِينَ، فَسَأعتَرِفُ أنَا ابْنَ الإنْسَانِ بِهِ أمَامَ مَلَائِكَةِ اللهِ. وَمَنْ يُنكِرُنِي أمَامَ الآخَرِينَ، فَسَأنكِرُهُ أمَامَ مَلَائِكَةِ اللهِ.

10 «كُلُّ مَنْ يُهِينُ ابْنَ الإنْسَانِ يُمْكِنُ أنْ يُغفَرَ لَهُ، أمَّا الَّذِي يُهِينُ الرُّوحَ القُدُسَ فَلَنْ يُغفَرَ لَهُ.

11 «وَعِنْدَمَا يُحضِرُونَكُمْ أمَامَ المَجَامِعِ وَالحُكَّامِ وَالسُّلُطَاتِ، لَا تَقْلَقُوا كَيْفَ سَتُدَافِعُونَ عَنْ أنْفُسِكُمْ أوْ مَاذَا سَتَقُولُونَ، 12 لِأنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سَيُعَلِّمُكُمْ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ مَاذَا يَنْبَغِي أنْ تَقُولُوا.»

يَسُوعُ يُحَذِّرُ مِنَ الأنَانِيَّة

13 ثُمَّ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ جُمُوعِ النَّاسِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لِأخِي بِأنْ يُقَاسِمَنِي المِيرَاثَ الَّذِي تَرَكَهُ أبِي!» لَكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ:

14 «يَا رَجُلُ، مَنِ الَّذِي عَيَّنَنِي قَاضِيًا عَلَيكُمَا أوْ مُقَسِّمًا؟»

15 وَقَالَ لَهُمْ: «احتَرِسُوا وَاحفَظُوا أنْفُسَكُمْ مِنْ كُلِّ طَمَعٍ. فَحَتَّى إذَا كَانَ لإنْسَانٍ مَا يَزِيدُ عَنْ حَاجَتِهِ، فَإنَّ حَيَاتَهُ لَا تَعْتَمِدُ عَلَى مُقتَنَيَاتِهِ.»

16 ثُمَّ رَوَى لَهُمْ هَذِهِ القِصَّةَ: «كَانَ لِرَجُلٍ غَنِيٍّ أرْضٌ أنتَجَتْ مَحصُولًا وَفِيرًا، 17 فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ: ‹مَاذَا أفْعَلُ يَا تُرَى؟ إذْ لَيْسَ عِندِي مَكَانٌ أَخْزِنُ فِيهِ مَحَاصِيلِي؟›

18 «فَقَالَ: ‹هَذَا مَا سَأفْعَلُهُ: سَأهدِمُ مَخَازِنِي وَأبنِي مَخَازِنَ أكبَرَ مِنْهَا، وَسَأَخْزِنُ كُلَّ حُبُوبِي وَخَيرَاتِي فِيهَا 19 وَأقُولُ: لَكِ يَا نَفْسِي خَيرَاتٌ وَفِيرَةٌ، سَتَدُومُ سَنَوَاتٍ كَثِيرَةً، فَاطْمَئِنِّي وَتَمَتَّعِي!›

20 «فَقَالَ لَهُ اللهُ: ‹أيُّهَا الأحمَقُ! سَتَنْتَهِي حَيَاتُكَ فِي هَذِهِ اللَّيلَةِ، فَلِمَنْ تَصِيرُ الأشْيَاءُ الَّتِي أعدَدْتَهَا؟›

21 «هَكَذَا تَكُونُ حَالُ مَنْ يَخْزِنُ كُنُوزًا لِنَفْسِهِ، دُونَ أنْ يَكُونَ غَنِيًّا بِاللهِ.»

مَلَكُوتُ اللهِ أوَّلَا

(مَتَّى 6‏:25‏-34، 19‏-21)

22 ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ: «لِهَذَا أقُولُ لَكُمْ، لَا تَقْلَقُوا مِنْ جِهَةِ مَعِيشَتِكُمْ، أيْ بِشَأنِ مَا سَتَأْكُلُونَ. وَلَا تَقْلَقُوا مِنْ جِهَةِ جَسَدِكُمْ، أيْ بِشَأنِ مَا سَتَلْبَسُونَ. 23 لِأنَّ الحَيَاةَ أكْثَرُ أهَمِّيَّةً مِنَ الطَّعَامِ، وَالجَسَدَ أكْثَرُ أهَمِيَّةً مِنَ اللِّبَاسِ. 24 انْظُرُوا إلَى الغِربَانِ وَتَعَلَّمُوا: إنَّهَا لَا تَبْذُرُ وَلَا تَحْصُدُ، وَلَا مَخزَنَ لَهَا لِتَخْزِنَ، لَكِنَّ اللهَ يُطعِمُهَا. وَكَمْ أنْتُمْ أثمَنُ عِنْدَ اللهِ مِنَ الطُّيُورِ! 25 مَنْ مِنْكُمْ يَسْتَطِيعُ أنْ يُضِيفَ إلَى عُمرِهِ سَاعَةً وَاحِدَةً عِنْدَمَا يَقْلَقُ؟ 26 فَمَا دُمتُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أنْ تَفْعَلُوا حَتَّى هَذَا الشَّيءَ الصَّغِيرَ، فَلِمَاذَا تَقْلَقُونَ مِنْ جِهَةِ بَقِيَّةِ الأُمُورِ؟

27 «انْظُرُوا كَيْفَ تَنْمُو الزَّنَابِقُ. إنَّهَا لَا تَتْعَبُ وَلَا تَغْزِلُ. لَكِنِّي أقُولُ لَكُمْ، إنَّهُ لَمْ يُكسَ أحَدٌ مِثْلَ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَلَا حَتَّى سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ. 28 فَإنْ كَانَ اللهُ يُلبِسُ عُشبَ الحُقُولِ الَّذِي تَرَاهُ هُنَا اليَوْمَ، وَفِي الغَدِ يُلقَى بِهِ فِي الفُرنِ، أفَلَا يَهْتَمُّ بِكُمْ أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَا قَلِيلِي الإيمَانِ!

29 «فَلَا تُشغِلُوا عُقُولَكُمْ بِمَا سَتَأْكُلُونَ أوْ بِمَا سَتَشْرَبُونَ، وَلَا تَقْلَقُوا بِشَأنِهَا. 30 فَهَذِهِ أُمُورٌ يَسْعَى إلَيْهَا أهْلُ العَالَمِ الآخَرُونَ، وَأبُوكُمْ يَعْرِفُ أنَّكُمْ تَحتَاجُونَ إلَيْهَا. 31 فَاهتَمُّوا أوَّلًا بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَسَتُعطَى لَكُمْ هَذِهِ الأُمُورُ أيْضًا.

لَا تَتَّكِلُوا عَلَى المَال

32 «لَا تَخَفْ أيُّهَا القَطِيعُ الصَّغِيرُ، فَاللهُ مَسرُورٌ بِإعطَائِكُمُ المَلَكُوتَ. 33 بِيعُوا مُقتَنَيَاتِكُمْ، وَأعطُوا المَالَ لِلفُقَرَاءِ. اقتَنُوا مَحَافِظَ لَا تَبْلَى مَعَ الزَّمَنِ، أيْ كُنُوزًا لَا تَفْنَى فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لَا يَصِلُ اللُّصُوصُ إلَيْهَا، وَلَا يُصِيبُهَا العَفَنُ. 34 لِأنَّ قَلْبَكَ سَيَكُونُ حَيْثُ يَكُونُ كَنزُكَ.»

كُونُوا مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا

(مَتَّى 24‏:42‏-44)

35 وَقَالَ: «شُدُّوا أحْزِمَتَكُمْ مُتَأهِّبينَ لِلعَمَلِ، وَحَافِظُوا عَلَى مَصَابِيحِكُمْ مُشتَعِلَةً دَائِمًا. 36 كُونُوا كَأشخَاصٍ يَنْتَظِرُونَ عَودَةَ سَيِّدِهِمْ مِنْ حَفلَةِ عُرسٍ. فَمَتَى جَاءَ وَقَرَعَ البَابَ، يَفْتَحُونَ لَهُ فَوْرًا. 37 هَنِيئًا لِهَؤُلَاءِ الخُدَّامِ الَّذِينَ يَجِدُهُمْ سَيِّدُهُمْ صَاحِينَ وَمُسْتَعِدِّينَ عِنْدَ عَودَتِهِ. أقُولُ لَكُمُ الحَقَّ، إنَّهُ سَيَشُدُّ حِزَامَهُ، وَيُجلِسُهُمْ عَلَى مَائِدَتِهِ وَيَخْدِمُهُمْ. 38 هَنِيئًا لَهُمْ إذَا وَجَدَهُمْ مُسْتَعِدِّينَ هَكَذَا، سَوَاءٌ أجَاءَ فِي مُنْتَصَفِ اللَّيلِ أمْ قُبَيلَ الفَجرِ.

39 «تَأكَّدُوا أنَّهُ لَوْ عَلِمَ صَاحِبُ البَيْتِ فِي أيَّةِ سَاعَةٍ يَنْوِي اللِّصُّ أنْ يَأْتِيَ، لَمَا تَرَكَهُ يَسْطُو عَلَى بَيْتِهِ. 40 فَكُونُوا أنْتُمْ أيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لِأنَّ ابْنَ الإنْسَانِ سَيَأْتِي فِي لَحظَةٍ لَا تَتَوَقَّعُونَهَا.»

الوَكِيلُ الأمِين

(مَتَّى 24‏:45‏-51)

41 حينَئِذٍ قَالَ بُطرُسُ: «يَا رَبُّ، هَلْ تَرْوِي هَذَا المَثَلَ لَنَا أمْ لِلجَمِيعِ أيْضًا؟»

42 فَقَالَ الرَّبُّ: «فَمَنْ هُوَ إذًا الوَكِيلُ الأمِينُ الفَطِنُ الَّذِي يُعَيِّنُهُ السَّيِّدُ مَسؤُولًا عَنْ خُدَّامِهِ، لِيُعطِيَهُمْ حِصَّتَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ فِي وَقْتِهَا المُنَاسِبِ؟ 43 هَنِيئًا لِذَلِكَ الخَادِمِ الَّذِي حِينَ يَأتِي سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَقُومُ بِوَاجِبِهِ. 44 أقُولُ لَكُمُ الحَقَّ، إنَّهُ سَيُوكِلُهُ عَلَى جَمِيعِ أمْلَاكِهِ.

45 «لَكِنْ قَدْ يَقُولُ هَذَا الخَادِمُ فِي نَفْسِهِ: ‹يَبْدُو أنَّ سَيِّدِي سَيَتَأخَّرُ فِي مَجِيئِهِ.› فَيَبْدَأُ بِضَربِ الخُدَّامِ وَالخَادِمَاتِ، وَيَبْدَأُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَرُ. 46 فَيَأْتِي سَيِّدُ ذَلِكَ الخَادِمِ فِي يَوْمٍ لَا يَتَوَقَّعُهُ، وَفِي سَاعَةٍ لَا يَعْرِفُهَا، فَيُعَاقِبُهُ كَمَا يُعَاقَبُ الخَائِنُ.

47 «فَمِثْلُ هَذَا الخَادِمِ الَّذِي يَعْرِفُ إرَادَةَ سَيِّدِهِ، لَكِنَّهُ لَا يَسْتَعِدُّ وَلَا يَعْمَلُ بِهَا، فَسَيُعَاقَبُ عِقَابًا شَدِيدًا. 48 أمَّا الخَادِمُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ إرَادَةَ سَيِّدِهِ، وَفَعَلَ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ العِقَابَ، فَسَيُعَاقَبُ عِقَابًا أخَفَّ. فَمَنْ يُعْطَى كَثِيرًا يُطلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُؤتَمَنُ عَلَى كَثِيرٍ سَيُطَالَبُ بِالكَثِيرِ.»

صُعُوبَاتٌ بِسَبَبِ اتِّبَاع المَسِيح

(مَتَّى 10‏:34‏-36)

49 «لَقَدْ جِئتُ لِأُشعِلَ نَارًا عَلَى الأرْضِ. وَكَمْ أتَمَنَّى لَوْ أنَّهَا أُشعِلَتْ بِالفِعْلِ! 50 لِي مَعمُودِيَّةٌ لَا بُدَّ أنْ أتَعَمَّدَ بِهَا، وَلَنْ تَهْدَأَ نَفْسِي حَتَّى تَتِمَّ. 51 هَلْ تَظُنُّونَ أنِّي جِئتُ لِكَي أُرَسِّخَ سَلَامًا عَلَى الأرْضِ؟ لَا، بَلْ أقُولُ لَكُمْ إنِّي جِئتُ لِأُرَسِّخَ الانْقِسَامَ! 52 أقُولُ هَذَا لِأنَّهُ مُنْذُ الآنَ فَصَاعِدًا، يَكُونُ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنقَسِمِينَ ثَلَاثَةً عَلَى اثْنَيْنِ، وَاثنينِ عَلَى ثَلَاثَةٍ.

53 «الأبُ عَلَى ابنِهِ،
وَالابْنُ عَلَى أبِيهِ.
الأُمُّ عَلَى ابنَتِهَا،
وَالبِنتُ عَلَى أُمِّهَا.
الحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا،
وَالكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا.»

فَهْمُ هَذَا العَصْر

(مَتَّى 16‏:2‏-3)

54 وَقَالَ يَسُوعُ لِجُمُوعِ النَّاسِ: «تَرَوْنَ غَيمَةً تَظْهَرُ فِي الغَرْبِ، فَتَقُولُونَ: ‹المَطَرُ قَادِمٌ،› وَتُمطِرُ السَّمَاءُ بِالفِعْلِ. 55 وَتَهُبُّ رِيحٌ جَنُوبِيَّةٌ فَتَقُولُونَ: ‹سَيَكُونُ الجَوُّ حَارًّا.› وَيَكُونُ كَذَلِكَ بِالفِعْلِ. 56 أيُّهَا المُنَافِقُونَ، أنْتُمْ تُحسِنُونَ تَفْسِيرَ عَلَامَاتِ المُنَاخِ، فَكَيْفَ لَا تُحسِنُونَ فَهْمَ هَذَا العَصْرِ؟»

تَسْوِيَةُ الخِلَافَات

(مَتَّى 5‏:25‏-26)

57 «وَلِمَاذَا لَا تَحْكُمُونَ بِأنفُسِكُمْ مَا هُوَ الصَّوَابُ؟ 58 فَبَيْنَمَا أنْتَ ذَاهِبٌ مَعَ خَصمِكَ إلَى الحَاكِمِ، ابذُلْ مَا فِي وُسْعِكَ لِتُسَوِّيَ خِلَافَكَ مَعَهُ عَلَى الطَّرِيقِ. وَإلَّا فَإنَّهُ قَدْ يَجُرُّكَ إلَى القَاضِي، وَيُسَلِّمُكَ القَاضِي إلَى الضَّابِطِ، وَيَزُجُّ بِكَ الضَّابِطُ فِي السِّجْنِ. 59 أقُولُ لَكَ إنَّكَ لَنْ تَخْرُجَ مِنْ هُنَاكَ إلَى أنْ تَسُدَّ آخِرَ فِلسٍ عَلَيْكَ.»

تحذيرات وتشجيع

12 وَفِي تِلْكَ الأَثْنَاءِ، إِذِ احْتَشَدَ عَشَرَاتُ الأُلُوفِ مِنَ الشَّعْبِ حَتَّى دَاسَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، أَخَذَ يَقُولُ لِتَلامِيذِهِ أَوَّلاً: «احْذَرُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ النِّفَاقُ! فَمَا مِنْ مَسْتُورٍ لَنْ يُكْشَفَ، وَلا مِنْ سِرٍّ لَنْ يُعْرَفَ. لِذَلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظَّلامِ سَوْفَ يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا تَحَدَّثْتُمْ بِهِ هَمْساً فِي الْغُرَفِ الدَّاخِلِيَّةِ سَوْفَ يُذَاعُ عَلَى سُطُوحِ الْبُيُوتِ.

عَلَى أَنِّي أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لَا تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ ثُمَّ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَفْعَلُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ. وَلكِنِّي أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الْقَادِرِ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ بَعْدَ الْقَتْلِ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، مِنْ هَذَا خَافُوا! أَمَا تُبَاعُ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ بِفَلْسَيْنِ؟ وَمَعَ ذلِكَ لَا يَنْسَى اللهُ وَاحِداً مِنْهَا. بَلْ إِنَّ شَعْرَ رُؤُوسِكُمْ كُلَّهُ مَعْدُودٌ. فَلا تَخَافُوا إِذَنْ، أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي أَمَامَ النَّاسِ، يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضاً أَمَامَ مَلائِكَةِ اللهِ. وَمَنْ أَنْكَرَنِي أَمَامَ النَّاسِ، يُنْكَرْ أَمَامَ مَلائِكَةِ اللهِ. 10 وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً بِحَقِّ ابْنِ الإِنْسَانِ، يُغْفَرُ لَهُ. وَأَمَّا مَنْ ازْدَرَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ!

11 وَعِنْدَمَا يُؤْتَى بِكُمْ لِلْمُثُولِ أَمَامَ الْمَجَامِعِ وَالْحُكَّامِ وَالسُّلْطَاتِ، فَلا تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَاذَا تَرُدُّونَ، وَلا بِمَا تَقُولُونَ! 12 فَإِنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ سَيُلَقِّنُكُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ عَيْنِهَا مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوا».

مَثل الغني الغبي

13 وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الإِرْثَ!» 14 وَلكِنَّهُ قَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِياً أَوْ مُقَسِّماً؟» 15 وَقَالَ لِلْجَمْعِ: «احْذَرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ. فَمَتَى كَانَ الإِنْسَانُ فِي سِعَةٍ، لَا تَكُنْ حَيَاتُهُ فِي أَمْوَالِهِ». 16 وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً، قَالَ «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَنْتَجَتْ لَهُ أَرْضُهُ مَحَاصِيلَ وَافِرَةً. 17 فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ وَلَيْسَ عِنْدِي مَكَانٌ أَخْزِنُ فِيهِ مَحَاصِيلِي؟ 18 وَقَالَ: أَعْمَلُ هَذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ مِنْهَا، وَهُنَاكَ أَخْزِنُ جَمِيعَ غِلَالِي وَخَيْرَاتِي. 19 وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ، عِنْدَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مَخْزُونَةٌ لِسِنِينَ عَدِيدَةٍ، فَاسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! 20 وَلكِنَّ اللهَ قَالَ لَهُ: يَا غَبِيُّ، هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَلِمَنْ يَبْقَى مَا أَعْدَدْتَهُ؟ 21 هَذِهِ هِيَ حَالَةُ مَنْ يَخْزِنُ الْكُنُوزَ لِنَفْسِهِ وَلا يَكُونُ غَنِيًّا عِنْدَ اللهِ!»

لا تهتموا

22 ثُمَّ قَالَ لِتَلامِيذِهِ: «لِهَذَا السَّبَبِ أَقُولُ لَكُمْ: لَا تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلا لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَكْتَسُونَ. 23 إِنَّ الْحَيَاةَ أَكْثَرُ مِنْ مُجَرَّدِ طَعَامٍ، وَالْجَسَدَ أَكْثَرُ مِنْ مُجَرَّدِ كِسَاءٍ. 24 تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ! فَهِيَ لَا تَزْرَعُ وَلا تَحْصُدُ، وَلَيْسَ عِنْدَهَا مَخْزَنٌ وَلا مُسْتَوْدَعٌ، بَلْ يَعُولُهَا اللهُ. فَكَمْ أَنْتُمْ أَفْضَلُ كَثِيراً مِنَ الطُّيُورِ. 25 وَلكِنْ، أَيٌّ مِنْكُمْ، إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُطِيلَ عُمْرَهُ وَلَوْ سَاعَةً وَاحِدَةً؟ 26 فَمَادُمْتُمْ غَيْرَ قَادِرِينَ وَلَوْ عَلَى أَصْغَرِ الأُمُورِ، فَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِالأُمُورِ الأُخْرَى؟ 27 تَأَمَّلُوا الزَّنَابِقَ كَيْفَ تَنْمُو! فَهِيَ لَا تَتْعَبُ وَلا تَغْزِلُ، وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: حَتَّى سُلَيْمَانُ فِي قِمَّةِ مَجْدِهِ لَمْ يَكْتَسِ مَا يُعَادِلُ وَاحِدَةً مِنْهَا بَهَاءً؟ 28 فَإِنْ كَانَ اللهُ يَكْسُو الْعُشْبَ ثَوْباً كَهَذَا، مَعَ أَنَّهُ يَكُونُ الْيَوْمَ فِي الْحَقْلِ وَغَداً يُطْرَحُ فِي التَّنُّورِ، فَكَمْ أَنْتُمْ أَوْلَى مِنَ الْعُشْبِ (بِأَنْ يَكْسُوَكُمُ اللهُ) يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ 29 فَعَلَيْكُمْ أَنْتُمْ أَلّا تَسْعَوْا إِلَى مَا تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ، وَلا تَكُونُوا قَلِقِينَ. 30 فَهذِهِ الْحَاجَاتُ كُلُّهَا تَسْعَى إِلَيْهَا أُمَمُ الْعَالَمِ، وَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا. 31 إِنَّمَا اسْعَوْا إِلَى مَلَكُوتِهِ، فَتُزَادُ لَكُمْ هذِهِ كُلُّهَا.

32 لَا تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ. 33 بِيعُوا مَا تَمْلِكُونَ وَأَعْطُوا صَدَقَةً، وَاجْعَلُوا لَكُمْ أَكْيَاساً لَا تَبْلَى، كَنْزاً فِي السَّمَاوَاتِ لَا يَنْفَدُ، حَيْثُ لَا يَقْتَرِبُ لِصٌّ وَلا يُفْسِدُ سُوسٌ. 34 لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ، يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضاً.

السهر

35 لِتَكُنْ أَوْسَاطُكُمْ مَشْدُودَةً بِالأَحْزِمَةِ وَمَصَابِيحُكُمْ مُضَاءَةً، 36 وَكُونُوا مِثْلَ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ رُجُوعَ سَيِّدِهِمْ مِنْ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا وَصَلَ وَقَرَعَ الْبَابَ يَفْتَحُونَ لَهُ حَالاً. 37 طُوبَى لأُولئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ يَجِدُهُمْ سَيِّدُهُمْ لَدَى عَوْدَتِهِ سَاهِرِينَ. الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَشُدُّ وَسَطَهُ بِالْحِزَامِ وَيَجْعَلُهُمْ يَتَّكِئُونَ وَيَقُومُ يَخْدِمُهُمْ. 38 فَطُوبَى لَهُمْ إِذَا رَجَعَ فِي الرُّبْعِ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ مِنَ اللَّيْلِ وَوَجَدَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ. 39 وَلَكِنِ اعْلَمُوا هَذَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَبُّ الْبَيْتِ يَعْرِفُ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَدْهَمُهُ اللِّصُّ، لَكَانَ سَهِرَ وَمَا تَرَكَ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. 40 فَكُونُوا أَنْتُمْ مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَيَعُودُ فِي سَاعَةٍ لَا تَتَوَقَّعُونَهَا».

41 وَسَأَلَهُ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ، أَلَنَا تَضْرِبُ هَذَا الْمَثَلَ أَمْ لِلْجَمِيعِ عَلَى السَّوَاءِ؟» 42 فَقَالَ الرَّبُّ: «مَنْ هُوَ إِذَنِ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْعَاقِلُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ لِيُقَدِّمَ لَهُمْ حِصَّتَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ فِي حِينِهَا؟ 43 طُوبَى لِذَلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي يَجِدُهُ سَيِّدُهُ، لَدَى رُجُوعِهِ، يَقُومُ بِهَذَا الْعَمَلِ.

44 الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ مُمْتَلَكَاتِهِ. 45 وَلكِنْ إِذَا قَالَ ذَلِكَ الْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ: سَيِّدِي سَيَتَأخَّرُ فِي رُجُوعِهِ؛ وَأَخَذَ يَضْرِبُ الْخَادِمِينَ وَالْخَادِمَاتِ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَرُ، 46 فَإِنَّ سَيِّدَ ذَلِكَ الْعَبْدِ يَرْجِعُ فِي يَوْمٍ لَا يَتَوَقَّعُهُ وَسَاعَةٍ لَا يَعْرِفُهَا، فَيُمَزِّقُهُ وَيَجْعَلُ مَصِيرَهُ مَعَ الْخَائِنِينَ. 47 وَأَمَّا ذَلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي يَعْمَلُ بِإِرَادَةِ سَيِّدِهِ، فَإِنَّهُ سَيُضْرَبُ كَثِيراً. 48 وَلكِنَّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهَا وَيَعْمَلُ مَا يَسْتَوْجِبُ الضَّرْبَ، فَإِنَّهُ سَيُضْرَبُ قَلِيلاً. فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيراً، يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ؛ وَمَنْ أُوْدِعَ كَثِيراً، يُطَالَبُ بِأَكْثَرَ.

ليس سلام بل انقسام

49 جِئْتُ لأُلْقِيَ عَلَى الأَرْضِ نَاراً، فَلَكَمْ أَوَدُّ أَنْ تَكُونَ قَدِ اشْتَعَلَتْ؟ 50 وَلكِنَّ لِي مَعْمُودِيَّةَ أَلَمٍ عَلَيَّ أَنْ أَتَعَمَّدَ بِها، وَكَمْ أَنَا مُتَضَايِقٌ حَتَّى تَتِمَّ! 51 أَتَظُنَّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُرْسِيَ السَّلامَ عَلَى الأرْضِ؟ أَقُولُ لَكُمْ: لا، بَلْ بِالأَحْرَى الانْقِسَامَ: 52 فَإِنَّهُ مُنْذُ الآنَ يَكُونُ فِي الْبَيْتِ الْوَاحِدِ خَمْسَةٌ فَيَنْقَسِمُونَ: ثَلاثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ، وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاثَةٍ 53 فَالأَبُ يَنْقَسِمُ عَلَى ابْنِهِ، وَالابْنُ عَلَى أَبِيهِ، وَالأُمُّ عَلَى بِنْتِهَا، وَالْبِنْتُ عَلَى أُمِّهَا، وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا، وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا!»

فهم الأزمنة

54 وَقَالَ أَيْضاً لِلْجُمُوعِ: «عِنْدَمَا تَرَوْنَ سَحَابَةً تَطْلُعُ مِنَ الْغَرْبِ، تَقُولُونَ حَالاً: الْمَطَرُ آتٍ! وَهكَذَا يَكُونُ. 55 وَعِنْدَمَا تَهُبُّ رِيحُ الْجَنُوبِ، تَقُولُونَ: سَيَكُونُ حَرٌّ! وَهكَذَا يَكُونُ. 56 يَا مُنَافِقُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا مَنْظَرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، فَكَيْفَ لَا تُمَيِّزُونَ هَذَا الزَّمَانَ؟ 57 وَلِمَاذَا لَا تُمَيِّزُونَ مَا هُوَ حَقٌّ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِكُمْ؟ 58 فَفِيمَا أَنْتَ ذَاهِبٌ مَعَ خَصْمِكَ إِلَى الْمُحَاكَمَةِ، اجْتَهِدْ فِي الطَّرِيقِ لِتَتَصَالَحَ مَعَهُ، لِئَلّا يَجُرَّكَ إِلَى الْقَاضِي، فَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، وَيُلْقِيَكَ الشُّرَطِيُّ فِي السِّجْنِ. 59 أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ لَنْ تَخْرُجَ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تَكُونَ قَدْ وَفَّيْتَ مَا عَلَيْكَ إِلَى آخِرِ فَلْسٍ!»